آثار حق الرهن الحيازي على سلطات المدين الراهن في عقد الرهن الحيازي

ـ بقاء المدين الراهن مالكاً للمال المرهون :

 يؤدي إنشاء الرهن الحيازي إلى تحميل المال المرهون بحقين : 
1) الأول هو حق ملكية المدين الراهن للمال المرهون , وهو حق عيني أصلي .
2) والثاني هو حق الرهن الحيازي للدائن المرتهن على هذا المال , وهو حق عيني تبعي .
وبناءً على ذلك لابد من أن تتقيد ملكية المدين الراهن بما يضمن الحفاظ على حقوق الدائن المرتهن . 
والأصل أن المدين الراهن يبقى مالكاً للمال المرهون , مما يسمح له بالتصرف فيه . لكن المشرع السوري خرج عن هذا الأصل في رهن العقار الحيازي , حيث اعتبر أن كل تصرف بالعقار المرهون يقع باطلاً ما لم يحصل بتراضي المدين الراهن و الدائن المرتهن , وذلك في المادة 1068 ق.م .
ويعد خروج المشرع عن الأصل المذكور خروجاً عن القواعد العامة في هذا الخصوص . وعليه فإن بطلان التصرف في العقار المرهون في هذه الحال ليس بطلاناً مطلقاً , وإنما هو بطلان من نوع خاص أقرب إلى البطلان النسبي . 
وقد كانت محكمة النقض السورية تميل إلى اعتبار بيع العقار المرهون باطلاً بطلاناً مطلقاً . ثم عادت هذه المحكمة اجتهاداتها السابقة وقررت أن بطلان التصرف بالعقار المرهون ليس بطلاناً مطلقاً , وإنما هو بطلان خاص يتبع في شأنه النص الذي ورد فيه , و بحيث يزول أثر البطلان إذا وافق الدائن المرتهن على التصرف الذي أجراه الراهن . 
ويرى البعض أنه إذا باع المدين الراهن العقار المرهون إلى شخص آخر ونقل ملكيته , دون أخذ موافقة مسبقة من الدائن المرتهن , فإن عقد البيع هنا لا يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً , لأن الأمر لا يتعلق بالنظام العام , بل بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة الدائن المرتهن . فإذا سكت هذا الأخير عن العقد , أو لم يطلب إبطاله , فيظل العقد قائماً و صحيحاً . 
و يكون للدائن المرتهن الذي يحوز العقار المرهون , رغم نقل ملكيته إلى الغير , حق تتبعه و التنفيذ عليه في مواجهة مالكه الجديد . ولا يعتبر حق التتبع الذي يمارسه الدائن المرتهن في هذه الحالة تتبعاً مادياً للحيازة , بل تتبعاً معنوياً للملكية , ما دام العقار المرهون المتصرف فيه ما زال بيده . 
 وتجدر الإشارة إلى أن المشرع السوري لم يأت بنص مماثل للمادة 1068 من القانون المدني في صدد رهن المنقول , مما يوجب إعمال حكم الفقه الإسلامي بهذا الخصوص , و الذي يقضي بأن كل تصرف في المال المرهون يؤدي نفاذه في مواجهة الدائن المرتهن إلى استرداد هذا المال يتوقف على إجازة هذا الأخير , فإن لم يجزه فيبطل . 
وقد أخذت محكمة النقض بهذا الاعتبار بشكل خاص عندما يكون الدائن المرتهن جهة عامة . 
كذلك فإن بعض الفقهاء يرى ضرورة انسحاب نص المادة 1068 من القانون المدني على المنقول المرهون , نظراً لأن العلة ترد على رهن المنقول و رهن العقار على السواء . فيرى أصحاب هذه النظرية بإمكانية توسيع الخروج عن القواعد العامة القاضية بالسماح لمالك المال المرهون في التصرف في ملكه . 
وفي كل الأحوال فإن الدائن المرتهن يمكنه حبس المال المرهون المتصرف فيه في مواجهة المتصرف إليه واستيفاء دينه من ثمنه بالأولوية التي يمنحه إياها حقه التبعي بالرهن الحيازي . 


– التصرفات المادية غير جائزة للطرفين :

التصرفات المادية بالمال المرهون غير جائزة لا للمدين الراهن , ولا للدائن المرتهن , ما لم يتفقا على القيام بها . 
وعلى اعتبار أن الرهن الحيازي يجرد المدين الراهن من حيازة المال المرهون فإن ذلك يؤدي إلى الحيلولة بينه و بين استعماله أو استغلاله , فلا يتصور عندئذ أن يتمكن هذا الأخير من إجراء أي تصرف مادي عليه . 


- المدين الراهن هو حائز قانوني للمال المرهون :

يعد المدين الراهن مالكاً وحائزاً قانونياً للمال المرهون في أن واحد , بينما الدائن المرتهن حائز عرضي بالنسبة إلى حق ملكية هذا المال . وتترتب على ذلك النتائج التالية : 


1- منع الدائن المرتهن من تملك المال المرهون بالتقادم : 

ليس للدائن المرتهن تملك المال المرهون - وسواء أكان عقاراً أم منقولاً - بالتقادم , مهما مضى 
من الزمن على حيازته , ما لم يغير سند هذه الحيازة , فالدائن لا يحوز المرهون بنية التملك , بل هو مجرد حائز عرضي يحوز بالنيابة عن الراهن . 


2- استفادة المدين الراهن من التقادم لكسب ملكية المال المرهون : 

إذا لم يكن المدين الراهن مالكاً للمال المرهون عند إنشاء الرهن الحيازي , وكان يضع يده عليه بنية تملكه , فإنه يستفيد من التقادم المكسب متى تمت مدته . 
ومع ذلك , يعد الدائن المرتهن حائزاً قانونياً للمال المرهون بالنسبة إلى حق الرهن الحيازي , لأنه يحوزه بنية كسب حق الرهن عليه . وينبني على ذلك :
إذا كان المال المرهون منقولاً , ولم يكن المدين الراهن مالكاً له , استطاع الدائن المرتهن حسن النية أن يكتسب حق الرهن الحيازي عليه بمجرد حيازته , استناداً إلى قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز , وهذه هي الحال كما لو رهن أحد الورثة الحائز لأحد منقولات التركة هذا المنقول , وبالتالي للدائن المرتهن حســــن النية حق الرهن الحيازي عليه إلى حين استيفاء دينه تماماً . 
وإذا كان المال المرهون عقاراً , ولم يكن المدين الراهن مالكاً له , استطاع الدائن المرتهن حسن النية أن يكتسب حق الرهن الحيازي عليه بالتقادم الطويل , أو بالتقادم القصير , بحسب ما إذا كان العقار المرهون مسجلاً أو غير مسجل في السجل العقاري , واقترنت الحيازة بحسن نية و سبب صحيح أم لم تقترن بذلك . 

  • عدد المشاهدات : 12261

المقالات المتعلقة

مزية التتبع في حقوق الامتياز

مزية التتبع في حقوق الامتياز

ميزة التتبع والتقدم في القانون المدني ..
ميزة التقدم ورتبة حق الامتياز

ميزة التقدم ورتبة حق الامتياز

مزية التقدم في الحقوق العينية التبعية ..


اكتب تعليق

جميع حقوق النشر محفوظة 2024
Created by: Turn Point