الشروط في عقد الرهن الحيازي

يمكن وضع شروط مقبولة و قانونية في عقد الرهن الحيازي .
فيجوز اشتراط عدم دفع الدين المضمون بشكل مسبق أو قبل مرور مدة محددة , أو إمكانية دفعه قبل استحقاقه مع تحمل خسارة معينة . 
كذلك يمكن اشتراط تخفيض أو زيادة درجة عناية الدائن المرتهن بالمال المرهون . 
وعلى اعتبار أن الكفيل العيني لا يسأل عادة , على العكس من الكفيل الشخصي , إلا في حدود المال المثقل بالرهن الحيازي , فليس له أن يدفع بتجريد المدين الأصلي من أمواله ما لم يتفق على غير ذلك كشرط في عقد الرهن الحيازي ذاته أو في اتفاق آخر . 
لكن بعض الشروط لا يجوز إدراجها في عقد الرهن الحيازي , كما لو اشترط دفع الدين بالعملة الأجنبية أو بالذهب . 
وقد قضت محكمة النقض بهذا الخصوص بأن " اشتراط استيفاء الدائن حقه ذهباً باطل لمخالفته النظام العام " . 


أولاً- بطلان شرط الطريق الممهد و شرط تملك المال المرهون عند عدم الوفاء : 

شرط الطريق الممهد ( أي عدم تتبع الإجراءات القانونية في التنفيذ ) يعني أن يشترط الدائن المرتهن على المدين الراهن , في عقد الرهن الحيازي , بيع المال المرهون عند عدم الوفاء بالدين المضمون , دون اتباع الإجراءات القانونية . 
أما شرط تملك الدائن المرتهن للمال المرهون عند عدم الوفاء ( أو شرط غلق الرهن كما يسمى في الفقه الإسلامي ) فيعني أن يشترط الدائن المرتهن على المدين الراهن , في عقد الرهن الحيازي , أن يتملك المال المرهون نظير الدين المضمون , أو لقاء ثمن آخر يتفق عليه الطرفان . 
وكما هو الحال في الفقه الإسلامي فقد قضى المشرع السوري بتحريم هذين الشرطين في الرهن الحيازي , سواء أكان في المنقول , أو في العقار . 
وفي التشريع الفرنسي لا يوجد نص خاص لمنع شرط تملك المال المرهون إلا في الرهن الحيازي العقاري . لذلك فالقضاء الفرنسي لا يوافق على منع هذا الشرط في التأمين العقاري . و مع ذلك فالعديد من الفقهاء الفرنسيين يرون بضرورة امتداد منع شرط تملك المال المرهون إلى التأمين العقاري . 
وكذلك يمكن للدائن المرتهن في التشريع الفرنسي اشتراط وعد بالبيع من قبل الراهن لعقار مع حق الخيار الذي يتناسب مع حلول أجل الدين المضمون . 
وإذا ما أدرج في العقد أحد الشرطين اللذين نتحدث عنهما , فإن الشرط وحده يلغى , أما عقد الرهن الذي أدرج فيه الشرط فيبقى صحيحاً , بمعنى أن الدائن المرتهن لا يمتلك المال المرهون عند عدم الوفاء , كما أن للمدين الراهن أن يبيع هذا المال وفقاً للإجراءات القانونية بالرغم من كل اتفاق مخالف . 
لكن يبطل عقد الرهن الحيازي نتيجة لبطلان الشرط أو الاتفاق إذا ثبت أن هذا الاتفاق أو الشرط كان الدافع لإبرام عقد الرهن الحيازي , و هذا ما أخذ به التشريع الفرنسي . 

وتجدر الإشارة إلى تباين اجتهادات محكمة النقض السورية حول بطلان الشرط وحده أم بطلان العقد بالكامل تبعاً لبطلان الشرط . 
وفي الأصل يعد الشرط في عقد الرهن الحيازي المدني باطلاً , سواء صاحب عقد الرهن أم تراخى عنه .
و البطلان هنا هو بطلان مطلق لتعلقه بالنظام العام م 208 ق م فرنسي ) . 

لكن يصح الاتفاق على شرط التملك إذا تم بعد حلول أجل الدين أو حلول قسط منه , حيث تعد مظنة ضعف و استغلال الراهن , مديناً كان أم كفيلاً , منتفية عندئذ , فيجوز للراهن أن يتفق مع الدائن المرتهن في هذه الحالة على أن يبيع له العقار المرهون بثمن متفق عليه , سواء أكان أعلى أو مساوياً أو أقل من الدين المستحق أصلاً , و هذا ما أخذ به التشريع الفرنسي .
وقد أكدت محكمة النقض على هذا حين اعتبرت أن الشرط يكون صحيحاً إذا وقع في عقد 
لاحق لعقد الرهن الحيازي , حيث تنتفي عندئذ مظنة استغلال المدين الراهن . 

ونجد ذات الحكم بالنسبة لبطلان الشرط في عقد الرهن الحيازي التجاري , شريطة أن يكون الشرط قد ورد في عقد الرهن ذاته . أما الشرط اللاحق لإنشاء عقد الرهن التجاري فهو صحيح .
لكن استثناءً من القاعدة التي تقضي بعدم بيع المال المرهون بدون اتباع الإجراءات القانونية , فإن المنقولات يمكن بيعها بلا إجراءات , كذلك يمكن للدائن تملكها عند عدم الوفاء . 


ثانياً- منع التحايل على بطلان شرط تملك المال المرهون عند عدم الوفاء ( بطلان بيع الوفاء ) :

للتحايل على شرط تملك الدائن المرتهن للمال المرهون يعمد المتعاقدين إلى إخفاء الرهن الحيازي في صورية بيع وفائي , حيث يأخذ المدين الراهن دور البائع و يأخذ الدائن المرتهن دور المشتري , و يستتر الدين المضمون بصورة ثمن المبيع . 
و يجيز هذا البيع الصوري للبائع الراهن استرداد المبيع إذا قام بوفاء الدين إلى المشتري المرتهن , و إذا لم يسدد الدين فإن ملكية المبيع تستقر للمشتري . 
لكن المشرع السوري قضى ببطلان البيع الوفائي في المادة 433 من القانون المدني التي نصت على أنه : " إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة وقع البيع باطلاً " . 
ويجوز إثبات صورية عقد البيع بكافة الوسائل , فقد اعتبرت محكمة النقض أن " البيع الذي يخفي رهناً حيازياً يعد احتيالاً على القانون " , و قضت هذه المحكمة بأنه : " يجوز الإثبات بالشهادة بأن عقد البيع يخفي رهناً لمخالفته للنظام العام و يعتبر باطلاً " . 
ولا قيمة لما إذا كان البيع مسجلاً أم غير مسجل , حيث يجوز إثبات صوريته بكافة الطرق .
و قد قضت محكمة النقض بهذا الخصوص بأنه :
" 1- لا يجوز الاتفاق على أن يبقى العقار المرهون في حالة عدم وفاء الدين ملكاً للدائن . 
2- الاجتهاد مستقر على أن الرهن المستور بستار بيع هو باطل لمخالفته النظام العام . و يثبت بالبينة الشخصية حتى لو كان رسمياً أو مسجلاً " .
ولا يسقط الدفع بصورية عقد البيع الذي يخفي رهناً بالتقادم , لأن العقد لا ينقلب صحيحاً بمرور الزمن .